top of page
Search

من قصائد بدر شاكر السياب

بدر شاكر السياب

الشاعر والمترجم العراقي باللغة العربية












رحل النهار

ها إنه انطفأت ذبالته على أفق توهّج دون نار

وجلست تنتظرين عودة سندباد من السّفار

والبحر يصرخ من ورائك بالعواصف والرعود

هو لن يعود

أو ما علمت بأنه أسرته آلهة البحار

في قلعة سوداء في جزر من الدم والمحار

هو لن يعود

رحل النهار

فلترحلي هو لن يعود

الأفق غابات من السحب الثقيلة والرعود

الموت من أثمارهنّ وبعض أرمدة النهار

الموت من أمطارهنّ وبعض أرمدة النهار

الخوف من ألوانهنّ وبعض أرمدة النهار

رحل النهار

رحل النهار

وكأنّ معصمك اليسار

وكأنّ ساعدك اليسار وراء ساعته فنار

في شاطئ للموت يحلم بالسفين على انتظار

رحل النهار

هيهات أن يقف الزمان تمر حتى باللحود

خطى الزمان وبالحجار

رحل النهار ولن يعود

الأفق غابات من السحب الثقيلة والرعود

الموت من أثمار هنّ وبعض أرمدة النهار

الموت من أمطار هنّ وبعض أرمدة النهار

الخوف من ألوانهنّ وبعض أرمدة النهال

رحل النهار

رحل النهار

خصلات شعرك لم يصنها سندباد من الدمار

شربت أجاج الماء حتى شاب أشقرها وغار

ورسائل الحب الكثار

مبتلة بالماء منطمس بها ألق الوعود

وجلست تنتظرين هائمة الخواطر في دوار

سيعود لا غرق السفين من المحيط إلى القرار

سيعود لا حجزته صارخة العواصف في إسار

يا سندباد أما تعود؟

كاد الشباب يزول تنطفئ الزنابق في الخدود

فمتى تعود

أواه مدّ يديك بين القلب عالمه الجديد

بهما ويحطم عالم الدم والأظافر والسعار

بيني ولو لهنيهة دنياه

أه متى تعود

أترى ستعرف ما سيعرف ما سيعرف كلما انطفأ النار

صمت الأصابع من بروق الغيب في ظلم الوجود؟

دعني لآخذ قبضتيك كماء ثلج في انهمار

من حيثما وجّهت طرفي ماء ثلج في انهمار

في راحتيّ يسيل في قلبي يصبّ إلى القرار

يا طالما بهما حلمت كزهرتين على غدير

تتفتحان على متاهة عزلتي

رحل النهار

والبحر متسع وخاو لا غناء سوى الهدير

وما يبين سوى شراع رنحته العاصفات وما يطير

إلا فؤادك فوق سطح الماء يخفق في انتظار

رحل النهار

فلترحلي رحل النهار.

25 views0 comments
bottom of page